محمد حمدي السناني – المدينة المنورة – تويستو – يعتبر الطلاق مشكلة اجتماعية جدير بالدراسة والبحث والتقصي لا سيما وقد أصبح يعد ظاهرة حسب إفادة الدراسات الاجتماعية المتخصصة بهذا الشأن. ووقوع الطلاق تفكيك للأسرة وتشريد وضياع للأبناء والذي ينعكس بدوره سلبًا على استقرار وأمن المجتمع. ولعل الأسباب تتعدد ولكنني سأذكرها بإيجاز فمنها ضعف الوازع الديني لأحد الزوجين وعدم مراقبة الله عز وجل بحقوق الطرف الآخر وتأدية الحقوق الشرعية التي افترضها الله على الزوجين إمّا جهلاً أو مكابرة ومعاندة. ومنها الملل الزوجي وسهولة التغيير وإيجاد البديل وطغيان الحياة المادية والبحث عن اللذات وانتشار الأنانية. ومنها الأسباب أيضًا «الخيانة الزوجية» . ويمكن للشك والغيرة المرضية واتهام أحد الزوجين الآخر دون دليل مقنع على الخيانة الزوجية أن يكون سببًا في فساد العلاقة الزوجية وتوترها واضطرابها مما يتطلب العلاج لأحد الزوجين أو كليهما، ذلك أن الشك يرتبط بالإشارات الصادرة والإشارات المستقبلة من قبل الزوجين معًا، ويحدث أن ينحرف التفكير عند أحدهما بسبب غموض الإشارات الكلامية والسلوكية التي يقوم بها. كأن يتكلم قليلاً أو يبتسم في غير مناسبة ملائمة أو أنه يخفي أحداثًا أو أشياء أخرى، وذلك دون قصد أو تعمد واضح؛ ممّا يثير الريبة والشك والظنون في الطرف الآخر ويؤدي إلى الشك المرضي. وهنا يجري التدريب على لغة التفاهم والحوار والإشارات الصحيحة السليمة وغير ذلك من الأساليب التي تزيد من الثقة والطمأنينة بين الزوجين، وتخفف من اشتعال الغيرة والشك مثل النشاطات المشتركة والجلسات الترفيهية والحوارات الصريحة إضافة للابتعاد عن مواطن الشبهات قولاً وعملاً. وهنا نأتي إلى سبب مهم من أسباب الطلاق وهو «عدم التوافق بين الزوجين» ويشمل ذلك التوافق الفكري وتوافق الشخصية والطباع والانسجام الروحي والعاطفي. وبالطبع فإن هذه العموميات صعبة التحديد، ويصعب أن نجد رجلاً وامرأة يتقاربان في بعض هذه الأمور، وهنا تختلف المقاييس فيما تعنيه كلمات «التوافق» وإلى أي مدى يجب أن يكون ذلك، ولابد لنا من تعديل أفكارنا وتوقعاتنا حول موضوع التوافق لأن ذلك يفيد كثيرًا تقبل الأزواج لزوجاتهم وبالعكس. والأفكار المثالية تؤدي إلى عدم الرضا وإلى مرض العلاقة وتدهورها. وبشكل عملي نجد أنه لابد من حد أدنى من التشابه في حالة استمرار العلاقة الزوجية نجاحها. فالتشابه يولد التقارب والتعاون، والاختلاف يولد النفور والكراهية والمشاعر السلبية. ولا يعني التشابه أن يكون أحد الطرفين نسخة طبق الأصل عن الآخر. ويمكن للاختلافات بين الزوجين أن تكون مفيدة إذا كانت في إطار التكامل والاختلاف البناء الذي يضفي على العلاقة تنوعًا وإثارة وحيوية. ونجد أن عددًا من الأشخاص تنقصه «الحساسية لرغبات الآخر ومشاعره أو تنقصه الخبرة في التعامل مع الآخرين» وذلك بسبب تكوين شخصيته وجمودها أو لأسباب تربوية وظروف قاسية وحرمانات متنوعة أو لأسباب تتعلق بالجهل وعدم الخبرة. ومن هذا المنطلق أضم صوتي إلى صوت المنادين بإنشاء أكاديمية متخصصة للزواج في كل منطقة تقيم دورات تدريبية للمقبلين على الزواج بحيث لا يتم إتمام عقد الزواج حتى يقدم الزوج والزوجة ما يثبت التحاقهما بالدورة التدريبية.
بريد كاتب المقال الإلكتروني: mh1424 (at) maktoob.com.